(1)
سوف يأتي الطوفان
ويجدني
في لذة الكسل
بلا
زوجين
بلا خشب
وبلا حرفة أيضا.
(2)
سوف يأتي الطوفان
ويجدني
في ضيافة الألم
أعُدّ ضحايا الفقد
وأقول:
غاية الألم أن يمتحن
شراسته المخبأة.
غاية الألم
أن يبتسم بدلال
ويتمايل ويجرّب فأسه في غابة الناس
وفي اخضرارها.
غاية الألم
أن ينضوي في الحقد
ويحتفي بزفّة الروح إلى الطلسم.
غاية الألم
أن يكون كافياً
ومن شأنه اللافت كل ليلة
أن يتحدى ثمار العلوم
ويسخر من سمّاعة الطبيب
ثم
يبصق في زجاج المختبر.
(3)
الألم
مخلوق أبدي
يحبّذ الهذيان.
أعصاب تتعرّى تحت الجلد وأخرى في الدماغ
أو قوة تناوئ قوة
في الأرض وفي زجاجة السماء.
(4)
الألم
لعنة تعاشرنا
ولئلا
نعاشر زوجاتنا
نقول تعاشرنا
حتى في قطن الإغماء.
(5)
الألم
ليس سكراً دامعاً على فخذ امرأة تتزيّن، وليس طعنة
لحم في اللحم، أو فضّ بكارة تتبعها الآهات، أو خلع
ضرس ملتهب يتم ضمن كفاءة الطب المتواضعة.
الألم
هو أن تصرخ حتى تنشقّ إلى نصفين
هو أن ترى البؤس كما لو كان وجهك
وترى بيتك في كفّ الزلزال
وترى أصغر أولادك في الجب
وترى دمك وهو يباع على بسطات العو... لمة
وترى الجوع وهو يتلمظ مثلك
وترى الغابة في المدفأة
وترى الدولة وهي تلعب بمصيرك
إن نسيتَ ولم تذكر أسنان المشط بخير
وترى الوطن...
لا وجه له سوى وجه الشرطي.
(6)
ميزة الألم
أنه باقٍ
حتى لو جربت
الإطاحة برأسك في حقل الأفيون.
ميزة الألم أنه ينحل مثل كثافة خفية
ثم يدخل على رؤوس أصابعه
ربما عبر لونك
وربما عبر جنسك
وربما عبر أمك
وربما عبر امرأة
تحبها ولا تحب ناقتها بعيرك.
ميزة الألم
أنه يدخل عبر ساقين خشبيتين
وربما عبر خيمةِ لاجئٍ تتلوى على رمل الحدود
أو عبر الاختلاء بسمعتك الكريمة
أو عبر ضلع فارغ
أو عبر تعصب مضر وضرير أو عبر سماسرةِ الشقوق
أو عبر سيارة إسعاف بلا طريق أو رسالة بلا بريد
أوعبر وليمة بلا يتيم
أو عبر عروس بلا عريس
أو عبر أرملة تحظى بمعونة لا تشمل الجسد
أو عبر مبرة من أجل الاستعراض
أو عبر مسدس أعمى
ومحقّق أعور
أو عبر غاز يتسرب في بيت نائم
أو عبر فتاة نتقوّى عليها بالشرف
أو عبر حانة مخصصة لقوة البكاء
وربما عبر عقلية قتل تخلع ملابس الناس لكي تتأكد أن الإصابة بليغة ومحددة.
وربما عبر لغة مدونة في هزة الرأس وكلها نعم.
ميزة الألم
أنه ليس لسعة أو قرصة أو فركة أذن تدل على الخطأ، بل سوء فهم في شرق
الإنسان التهمه أو شرق المجرور إلى حتفه أو شرق الناس المنهكين تماماً في
معنى الغول، أو الغولة في معنى الخبز، أو اللاخبز في معنى النوم أو
اللانوم في معنى الشك أو اللاشك في معنى أن لا شيء يخصك بالمطلق، أن لا
شيء يعضّ على ذيلك، فالكل في السليم مادامت مسامير البيت ملأى بصورة
الآغا، وبسمته الخفيفة المعبرة، والأكفُّ من حولك تصفّق وتصفّق وأنت في
الجنة لك قصر أو قصران.
وكل يوم تتحلى بجائزة لا تُدعَى الظلم أو الفاقة.
(7)
الألم
هو أن تفقد
ولكي لا تفقد
تخيّلْ أنك لم تفقد
وصدّقْ أنك لم تفقد
وأنك لست ضرورة
وتعلّمْ محو الرأس ومحو الجسم ومحو الظل
وتصوّرْ أنك مجرد مريضٍ وطني
يمارس هواية المشي إلى المنفى.
(
في الألم لا تبدو البلاد واسعة
وما عليك
سوى أن تصمت مثل قبرٍ وتكسَر مثل قشة
وتبكي حقاً ضاع تماماً في ثُقبٍ ضيق
وتقرن اسمَك بالإهانة
وتنطفئ مثل شهوةٍ خفيضة تتمطى في ماء الستين.
(9)
الألم
الألم
هو أن تسأل عن حياتك في كل عزاء
وكأنك لست أنت
هو أن تطبخ لحمك للغزاة أو القساة
هو أن تحلب ثوراً، أو تنكح منحلة
أو تصبح صاحب ضغينة وأنت لا تريد،
هو أن تعوي وما أنت بذئب
وتصلي للخبز وتقدّس ذيلَ الفأر، وتمدح بطن الحوت، وتكذب مثل البحّار
وتزوّر الكمالَ مثل موظف فاسد في بلاد لم تكتمل أجزاؤها.
(10)
سوف يأتي الطوفان
ولا فُلك عندي
لا طير
ولا بذرة من شيء
ويجرّ بياضَه فوق الأرض
فعلامَ تجلس مع نفسك وتدلّ الناس على سواك
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]