أين نحن مما يجري في القدس؟

لم يحدث أبداً أن المسلمين في أصقاع المعمورة قاموا باعتداء سافر على
أُولى الديانات الأخرى من يهود أو نصارى، بل كان المسلمون دائماً يحترمون
أماكن العبادة والمتعبدين فيها. ذلك لأن الإسلام دين حب وتآخٍ. وشروط أن
يكون المسلم مؤمناً لا بد أن يؤمن بجميع الأنبياء وما أنزل إليهم من
رسالات.

أما ما نراه من اعتداء سافر على الأماكن المقدسة الإسلامية في فلسطين من
قبل الصهاينة وما يتعرض له الأقصى من تخريب وما يتعرض له المقدسيون من عنت
واضطهاد في سبيل الدفاع عنه فهو أقسى مما يتحمله كائن على وجه الأرض مما
لا يدع مجالاً للشك بأن الممارسات الإسرائيلية العنصرية في الأراضي
الفلسطينية قد فاقت الوصف!.. فهي لا تكتف بما تفعله من ممارسات بحق شعب
فلسطين وبأرضهم وممتلكاتهم، وحقوقهم المشروعة في العيش بكرامة في أرض
آبائهم وأجدادهم، بل هي تعمل على هدم أقدس المقدسات في فلسطين فتقوم
بالحفر تحت أساسات المسجد الأقصى وتعلن أنها ستعيد بناءه إذا ما انهدم
بفعل الحفر!! أي سفه هذا وأي منطق؟!.. وكيف يصدق المرء دعواها بإعادة بناء
الأقصى وهي تسعى لهدمه وإقامة «الهيكل» مكانه؟!.

إن استهداف إسرائيل لأماكن العبادة الإسلامية في فلسطين يرمي الى استئصال
تلك المقدسات من فلسطين ولينتهي بانتهائها المطالبة في فلسطين والقدس
كأمكنة مقدسة توجب الدفاع عنها والمطالبة في فرض الولاية العربية
الاسلامية على المقدسات فيها ولينتهي بهذا أي سبب للمطالبة في فلسطين.

ان السياسة العنصرية الاسرائيلية التي تهدف لاستئصال كل ما له علاقة
تاريخية بأرض فلسطين من تراث ومقدسات هي سياسة قائمة منذ تم احتلال فلسطين
وقد كان آخرها اجتثاث مقبرة ماملا في القدس الشرقية والتي تضم رفات بعض
الصحابة ممن قدموا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ودفنوا في القدس.. ثم تم
اجتثاث هذه المقبرة الاسلامية لاقامة متنزه مكانها والمسميات كثيرة التي
تطلقها اسرائيل على منشآت يتم تشييدها على اثر اماكن لها خصوصية فلسطينية
ليتم نسيانها ولتصبح اسماً لنادٍ او مقهى او غير ذلك..

لقد راهنت اسرائيل على ردود فعل عربية لا تقوم ابداً.. وهي مطمئنة لهذا
دائماً.. وتفعل ما تريد دون ان تتوقع أي فعل حقيقي خارج دائرة الكلام
الاعلامي!! فمنذ حريق الاقصى اثر احتلال الضفة الغربية وردود الفعل لا
تراوح مكانها.. وقد قالت غولدا مائير رئيسة الوزراء الاسرائيلية آنذاك
«لقد بت قلقة جداً حينما حرق الاقصى.. ولم انم طيلة الليل في انتظار
الصباح وما سيحمله من هجمة عربية شرسة قد تمحوا اسرائيل عن وجه الارض..
غير انني حينما استمعت الى الاذاعات العربية تأكد لي أن لا عرب نخشاهم
أبداً بعد الآن جاء هذا في مذكرات غولدامائير!.

فماذا بعد؟؟..

إسرائيل ستهدم الأقصى آجلاً أم عاجلاً وتدّعي هي الآن انها ستعيد تشييده
تفادياً لردّة فعل عربية أو إسلامية – لا وجود لها – ولينتهي أي مطلب
بمدينة القدس ومقدساتها، إلى الأبد!.