الشهيدة فاطمة نزال أسطورة أخرى من فدائيات فلسطين

المشاركات : 143 تاريخ التسجيل : 28/03/2010 العمر : 40

سطرت الشهيدة فاطمة نزال من بلدة قباطية جنوبي جنين ملحمة أخرى من ملاحم العز والفخار التي تميزت بها نساء فلسطين اللواتي ضربن أروع الأمثلة في التضحية والفداء والمقاومة إلى جانب أشقائهن من الرجال.

ليس غريبا على خنساوات فلسطين أن تلد مثل الشهيدة شريم، فهي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، وقبل أيام ودعت المجاهدة فاطمة النجار أم الفدائيات في غزة لتقدم روحها رخيصة في سبيل الله، كما ضربت نساء بيت حانون مثالا آخر في البطولة والفداء وغيرهن الكثير.

بالأمس القريب جسدت فاطمة نزال موقفا بطوليا عندما فدت بروحها وجسدها الشهيد عبد الرزاق محمود بكر نصر لإنقاذ حياته جراء إصابته برصاص قوات الاحتلال أمام منزلها في البلدة.

وتقول أم محمد إحدى قريباتها أن الشهيدة قد ضحت بحياتها لإنقاذ باقي شبان المقاومة الذين كانوا سيلقون نفس مصير نصر الذي استشهد فيما بعد.

موقف بطولي

وفي الوقت الذي فاضت فيه مشاعر الحزن والأسى على فراق الشهيدة ارتسمت معالم الفخار على وجوه الأهالي في بلدة قباطية التي قدمت إحدى نسائها شهيدة، وقالت أم علي من أقارب الشهيدة عندما كان الأهالي يستقبلون جثمان الشهيدة لإلقاء نظرة الوداع عليه، لولا موقفها البطولي لاستهدفت قوات الاحتلال شبانا آخرين، فسيظل الشعب الفلسطيني يذكرها وسيظل اسمها يتردد على ألسنة الأهالي في البلدة.

القتل بدم بارد

لم يستطع محمود حافظ نزال زوج الشهيدة فاطمة أن يتمالك نفسه ويخفي حزنه على زوجته، فقد انهمرت دموعه بحرارة لحظة تشييع جثمانها، وقال قتلوها بدم بارد فأين التهدئة التي نادوا بها وما زال القتل والظلم يقع على رقابنا فهي ضحية الاحتلال وجبروته، فقد قتلوها وهي تحاول إنقاذ الشهيد الذي نزفت وإياه لعدة ساعات دون أن يسمحوا لأحد بانقاذهما حتى لفظا الاثنان انفاسهما دون السماح لسيارات الإسعاف نقلهما إلى المستشفى، وأضاف: ما ذنب زوجتي وشبابنا أن يلاحقوا من مكان لآخر ويقتلوا، انهم يمارسون علينا اشد أساليب القتل والدمار على مرآى ومسمع من العالم الذي لا يكاد يحرك ساكنا.

ويروي أهالي البلدة تفاصيل هذه الجريمة النكراء، فيقول المواطن خليل نزال، في منتصف ليلة الاثنين 27/11/2006م تسللت الوحدات الخاصة المستعربة البلدة، واحتلت بعض المنازل واتخذتها أبراجا للمراقبة ونشرت فوقها فرق القناصة لتتم السيطرة على المقاومين، وأضاف : إلى هذا الوقت لم يستطع الأهالي معرفة ما يجري إلى أن استحكمت قوات الاحتلال في مواقعها لتعزيز وجود الوحدات الخاصة وتسهيل مهمتها، حيث تصدى رجال المقاومة لهذا التوغل.

المباغتة

يقول ياسر نزال احد قادة الألوية في البلدة أن جنود الاحتلال المرابطين في الحي نصبوا كمينا للشهيد عبد الرزاق نصر ورفاقه المقاتلين حيث كانوا يتواجدون داخل احد الأحياء، دون أن يشعروا بوجود قوات الاحتلال التي باغتتهم بإطلاق الرصاص فجرى اشتباك بينهم ما أدى إلى إصابة عبد الرزاق بعدة رصاصات اخترقت جسده، فوقع أرضا أمام منزل المواطن محمود نزال زوج الشهيدة دون أن يستطع الحركة.

فاطمة والإصابة

في تلك اللحظة التي أطلقت فيها قوات الاحتلال الأعيرة النارية التي أصابت عبد الرزاق استيقظت فاطمة مذعورة، وقال زوجها محمود نزال عندما سمعت زوجتي صوت الشاب المصاب خرجت من المنزل غير آبهة بإطلاق الرصاص، فوجدت عبد الرزاق مدرجا بدمائه، فهبت لإنقاذه وصرخت بأعلى صوتها انه ينزف احضروا الإسعاف، وما أن وصلت إليه حتى انهمر عليها الرصاص من كل صوب رغم أن العملية تمت أمام أعين الجنود مباشرة ومن السهل تمييز كونها امرأة أو لا، فلم يرحموا ضعفها فوقعت على الأرض بالقرب من عبد الرزاق، ولكنها في نفس الوقت نجحت بتنبيه باقي المقاتلين بوجود كمين، فنجحوا في الفرار من الحي الذي كان عبارة عن ثكنة عسكرية.

عدم السماح بإسعافها

موقف أليم وحزين ذاك الذي مر به المواطن نزال لحظة استشهاد زوجته، فيقول والدموع تنهمر من عينيه سقطت أرضا دون أن نسمع لها صوتا، فقوات الاحتلال لم تسمح لنا بالخروج من المنزل وتقديم المساعدة لها ولعبد الرزاق، استمروا بإطلاق الرصاص بغزارة، كان هذا الموقف أليما جدا حيث وقفنا عاجزين عن تقديم العون والمساعدة لهما، فالجميع كان في مرمى نيرانهم لا نستطيع فعل شيئ، حتى أنهم قاموا باحتجاز سيارات الإسعاف ومنعوها من الوصول إلى المكان في موقف كان اشد قسوة، فمضى أكثر من ساعتين وقوات الاحتلال تراقب المكان، ولا تسمح لأحد بالوصول إلى المكان بشكل متعمد، وحينما استطاعت سيارات الإسعاف الوصول إلى المكان كانت فاطمة وعبد الرزاق قد فارقا الحياة، حيث أعلنت الطواقم الطبية في مستشفى جنين الحكومي عن استشهادهما جراء النزيف الحاد الذي صاحب الإصابة.

ثمار التهدئة

خيمت أجواء الحزن والأسى على المواطنين في بلدة قباطية، وقد خرجت عن بكرة أبيها لوداع الشهيدين، وتعالت صرخات زوج الشهيدة، وقال لنجهز الأكفان فهذه ثمار التهدئة التي أعلنت قبل يوم واحد من تنفيذ جريمة الاحتلال البشعة، وقد وعدونا بالأمن والسلام والتهدئة وفي اليوم التالي يقومون بجريمتهم، فأين العدالة، وأين حقوق الإنسان، وأين الضمائر الحية، ما ذنب زوجتي أن تقتل ونفقدها بهذه الطريقة البشعة دون أي ذنب، وما ذنبنا نحن في أن نحرم منها ونفقدها.

أما شقيق الشهيد عبد الرزاق فقال كيف تكون التهدئة والاحتلال يقوم بالقتل والإعدام، أصيب شقيقي وكان بالامكان إنقاذ حياته، إلا أنهم تركوه ينزف مع الشهيدة حتى فارقا الحياة، وأضاف حزننا الشديد ورغم المرارة التي في قلوبنا إلا أننا نفتخر بأخينا لمواقفه البطولية والشجاعة، فقد مكث عامه الأخير مطلوبا لقوات الاحتلال دون القبول بتسليم نفسه، وتمنى الشهادة حتى نالها ولحق بأخيه الشهيد محمد نصر نزال الذي استشهد في عملية استشهادية للجهاد الإسلامي قبل خمس سنوات.

وقالت شقيقة الشهيدة فاطمة من حقنا أن نحزن ونتألم لفراقها، ولكننا في نفس الوقت نفتخر بشجاعتها وعملها البطولي الذي يؤكد للعالم أجمع استعداد هذا الشعب للتضحية من أجل وطنه وحريته وكرامته، فهي شهيدة الواجب الذي هبت لأدائه.

» ابيات شعر لاعضاء المنتدى(نزال شعر)
» آسف زوجتى ..أريد الزواج من أخرى
» من وصايا الرسول لابنته فاطمة عليها السلام
» فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها
» شهداء فلسطين