تعتبر ظاهرة الغش في الامتحانات سلوكا محرما دينيا٬ ويتنافى مع المعايير الاجتماعية والأخلاقية٬ ومرفوضا في إطار العدالة تحقيق العدالة الاجتماعية٬ ويصنف بأنه من الظواهر السلبية التي باتت منتشرة في الأوساط الدراسية بصورة كبيرة، وباستخدام أساليب مبتكرة من خلال التقنية الحديثة مما يهدد النظام التعليمي ويتطلب دراسة أسباب هذا الغش وطرق علاجه. ويرى تربويون أن نشر الوعي الديني والأخلاقي بين الطلبة تجاه ظاهرة الغش يعتبر احد أنواع الحلول لمواجهة هذه الظاهرة إضافة إلى نشر الوعي القيمي والأخلاقي لدى المعلم والمدرس تجاه ظاهرة الغش وتوعية المجتمع بسلبيات الغش عن طريق الإعلام والصحف.
برنامج "بدنا نحكي" والذي يبث على إذاعة "الحقيقة الدولية" تناول ظاهرة الغش في الامتحانات حيث شارك عدد كبير من الطلبة في البرنامج تراوحت آراؤهم بين تبرير الغش بأنه رد على صعوبة الأسئلة والمادة الدراسية والاستهتار بالعملية التعليمية، وتركيز الأساتذة على العلامة كمعيار يقاس به مستوى الطالب.
مندوبة برنامج بدنا نحكي في جامعة العلوم والتكنولوجيا ونائب رئيس اتحاد طلبة جامعة العلوم والتكنولوجيا سابقا الطالبة سميرة الزيود تقول لابد من البحث في أسباب الغش في الامتحانات وهي بحسب التقرير الذي أعددناه ترجع إلى صعوبة المادة الدراسية وكثافتها وزخمها، موضحة أن صعوبة المادة وتشعبها في أكثر من مكان يجعل الطالب في حيرة بان يدرس الملاحظات التي أعطيت له أم يدرس المنهاج الجامعي أم "السلايدات" التي تعرض في قاعة المحاضرات.
وتوضح بان الطالب يقدم أكثر من امتحان في اليوم ويكون لديه أحيانا في اليوم الثاني امتحان ولذلك لا يكون لديه الوقت الكافي للدراسة الأمر الذي يدفعه للغش ناهيك عن وجود شريحة واسعة من الطلبة تريد أن تنجح فقط دون أن تدرس فضلا عن وجود حالة من الإحباط يعاني منها بعض الطلبة وبخاصة لدى الطلبة الذين يعيدون دراسة المساق أكثر من مرة.
وأشارت الزيود إلى وجود حالة من القلق تصيب الطلبة قبل بدء الامتحان أو أثناءه وهو قلق قد يكون ايجابيا إذ قد يدفعه للدراسة٬ أو سلبيا يدفعه لعدم القراءة ويجعله في حالة إحباط ولا يعرف من أين يبدأ بدراسة بالمادة فيجعله يعتمد على الغش.
وبينت أن من أساليب الغش ـ أسلوب الشللية حيث تكون هناك مجموعة من الطلاب يتفقون على تقسيم المادة بينهم وكل طالب يدرس جزء منها وفي الامتحان يبدأون يغششون بعضهم وكل طالب ينقل إجابة ما يعرف.
وقالت عضو اتحاد طلبة جامعة الأردنية آلاء حمدان ومندوبة البرنامج في الجامعة إن هذا الأسلوب قديم - جديد ولكن هناك أساليب جديدة في الغش ودائما نكتشف أساليب جديدة في الغش تدل على الذكاء في ابتكار أساليب الغش مثل الترجمة على الهواتف الجوالة في قسم اللغات حيث يلجأ الطالب لتحميل برامج ترجمة على هاتفه تساعده في الامتحان.
وأشارت إلى وجود طرق لإخفاء الهاتف في جيوب داخلية وضبطه على وضع "رجاج" ومن طرق الغش إرسال ورق صغير، كما أن بعض الأحذية تحتوي على خارطة مرسوم عليها كل شيء في امتحانات الجغرافيا، ومنها وضع الطامس الأبيض على الأظافر وكتابة المعلومات وهذه طرق غريبة جدا.
وقالت: أنا أرى أن السبب يرجع إلى ضغط العلامة أي أن الطالب يريد علامة جيدة فيلجأ للغش.
وفي مداخلة جديدة للطالبة الزيود خلال البرنامج قالت فيها: ان استخدام الآلة الحاسبة من الطرق المستعملة في الغش وهي أسلوب بديل عن الكتابة على اليد أو قصاصات الورق أو الكتابة على المقعد.
وتابعت: نحن في امتحانات أون لاين محوسبة أي امتحان مباشر على الكمبيوتر يقوم الطالب بالغش فيها باستخدام الماوس حيث ينظر الطالب لجهاز زميله ويشير له بالإجابة عن طريق الماوس ـ كلك يمين أو كلك شمال مرتين.
وبينت أن الجامعة عالجت الجامعة الحد من الغش من خلال توزيع أوراق أسئلة مختلفة على الطلاب بحيث أصبح لدى الجامعة بنك معلومات فكل طالب لديه أسئلة مختلفة عن الآخر وكذلك حصر الوقت في الإجابة بمعنى أن يكون لديك 50 سؤالا تجيب عليها خلال 55 دقيقة حتى لا يكون هناك وقت لكي يقوم الطالب بمساعدة غيره وكذلك زيادة عدد المراقبين في القاعات.
وبينت أن من الأسباب التي تساعد في انتشار ظاهرة الغش ان المراقب يأتي للمراقبة مستهترا ورغما عنه ولذلك يجده الطالب بأنه لا يلقي بالا بالامتحان حيث تظهر وقتها الفوضى وينتشر الغش بين الطلبة.
وتعود الطالبة إلى القول بان الأسباب التي تدفع بالطالب إلى الغش هي عدم العدل بين الطلاب وذلك عندما يميز الدكتور بين الطلاب أو يقبل الواسطة فيدفع الطلاب للغش لتحصيل العلامة التي يستحقونها.
وترى أن طريقة وضع الأسئلة أحيانا تسهل عملية الغش وبخاصة إذا كانت الأسئلة ذات طابع موضوعي أما الأسئلة التي تحتاج إلى التعبير الشخصي فهذه تقلل من عملية الغش.
أما الطالبان هاني القضاة ومعز الدين المعايطة عضوا اتحاد الطلبة في جامعة مؤتة فقد تشاركا في الأسباب مع رأي الطالبتين حمدان والزيود وزادا بان تركيز الأستاذ الجامعي على العلامة كمعيار يقيس به مستوى الطالب يجعل الأخير لا يهدف إلا للحصول على العلامة مشيرين في الوقت ذاته إلى مسؤولية الجامعة في الحد من هذه الظاهرة لأنها في النهاية تؤدي إلى مزيد من الإحباط للطالب المجد الذي يعتمد على نفسه في بناء شخصيته العلمية.
وارجع الدكتور فاخر دعاس منسق حملة ذبحتونا من اجل حقوق الطلبة والذي شارك في محور الحلقة عبر الهاتف ازدياد ظاهرة الغش في الامتحانات عند الطلبة إلى غياب الأساليب المعاصرة في التدريس وإجراء الامتحانات، والتمسك بالأساليب التقليدية في إجراء الاختبارات التي عفا عليها الزمن فضلا عن ان ارتفاع الرسوم الجامعية يجعل الطالب يضطر إلى العمل من أجل تأمين تكاليف دراسته أمام عجز الآباء عن تسديد الرسوم الجامعية لأبنائهم وبالتالي عدم تفرغ الكثير من الطلبة لمطالعة المادة والدراسة.
أما الطالب محمد مصطفى العمري من جامعة البتراء فقد أعد تقريرا حول الموضوع قال فيه إن الملاحظ أن أساليب الغش التي كنا نراها في السابق مثل كتابة المنهج في أوراق وتصغيرها بواسطة آلات التصوير لتأخذ مساحة أقل بحيث يتم إخفاؤها في أكمام القمصان أو بين طيات أوراق الإجابة واستخدام سماعات الهاتف و تقنية (البلوتوث) أصبحت طرقا قديمة لأن هناك طرقا بديلة ومبتكرة وحديثة بسبب إدخال الهاتف الخلوي والحاسوب والحبر السري بشكل أخبث مما في السابق عبر عملية الغش تلك باعتبارها وسائل لتسهيل هذه المهمة التي تضرب جوهر العملية التعليمية وتلقي فيها إلى الاعتماد والاتكالية والتخلف أيضاً.
أبدأ بأحدث الأساليب المتبعة في الهاتف النقال والتي بدأت بالظهور حديثاً، والتي هي في العادة بين طالبين اثنين، حيث يُسلم الطالب الأول ورقة الإجابة ويخرج ومعه نسخة عن ورقة الأسئلة لهذا الامتحان والطالب الآخر يكون ما زال في قاعة الامتحان ويلاحظ في الغالب أنه لم يبدأ بالشروع في الإجابة، وما ان يصل الطالب الأول إلى مكان منعزل حتى يبدأ بالبحث عن الإجابات للورقة التي يحملها بواسطة الكتاب طبعاً، وتبدأ الرسائل إلى الطالب الثاني بالوصول رسالة تلو الأخرى وهي تتضمن الإجابة.
وطبعاً يكون هذا الطالب قد وضع الهاتف في الوضع الصامت وإزالة الهزاز (الرجاج) حتى لا يتم لفت الأنظار إليه، ويكون الوضع ممتازا إذا كانت طبيعة اختيار من متعدد، حيث يمكن لهذه الطريقة أن ترفع علامة الطالب بنسبة 100% ، ولتفادي هذه الطريقة يحبذ عدم السماح للطلاب بإخراج ورقة الأسئلة إلى خارج القاعة أثناء الامتحان أو عبر منع وضع الهاتف الخلوي أمام الطالب في قاعة الامتحان.