رجل السلام يبحث عن معني جديد للحرب

الصفحة الأولى تقارير المراسلين




تقارير المراسلين



رجل السلام يبحث عن معني جديد للحرب
طارق الشيخ


عـز السلام في العالم واصبح عملة نادرة خلال العقد الاخير وتفننت الدول في مواجهة بعضها البعض بأساليب مختلفة .‏








‏**‏ ووسط ذلك الظلام ظهرت مع بداية عام‏2009‏ ومضات من اضواء السلام‏..‏ والتي جاءت متجسدة في فكر باراك اوباما رئيـــس الولايـــات المتحدة‏.‏
فقد بدأ اوباما مشواره كرئيس للولايات المتحدة في يناير عام‏2009‏ عندما وقف يوم تنصيبه يلقي كلمة وجهها الي الملايين في بلاده وانحاء العالم قائلا‏:‏ أن أمريكا صديق لكل دولة وكل رجل وامرأة وطفل ينشد مستقبلا من السلام والكرامةويتعين علي أمريكا أن تلعب دورها في استنهاض حقبة جديدة من السلام‏..‏وصفق الامريكيون ومن ورائهم شعوب العالم التي ذاقت الدمار والموت والخراب علي يد الادارة الجمهورية السابقة التي اعلنت حربا دولية غامضة القت بالجميع ـ بما فيها الولايات المتحدة ذاتها ـ في نفق مظلم من التوجس والكراهية والاحقاد التي تم ايقاظها عنوة بعد قرون كانت تختفي خلالها في كهوف التاريخ‏.‏
ومن فرط ندرة السلام في بداية عام‏2009‏ اقدمت لجنة اختيار الفائزين بجائزة نوبل للسلام علي التفكير في اختيار اوباما كبطل للسلام في ذلك العام‏..‏ فقد اغلقت ابواب الترشيح بعد‏11‏ يوما فقط من ذلك الخطاب وهي فترة زمنية محدودة‏.‏
وخلال الشهور التالية بدأ الرجل في بلورة فكرته الي خطوات يهدف من خلالها الي تحقيق حقبة من السلام‏..‏ فقد اعلن في شهر ابريل خطته من اجل عالم خال من السلاح النووي‏..‏ وتضمنت الخطة تكوين ترسانة نووية امنة ومؤمنة وفعالة بإمكانها ان ترهب كافة الاطراف الاخري التي تمتلك السلاح النووي مع بذل الجهد من اجل منع الاخرين من الوصول الي ذلك السلاح‏!‏ وفي شهر يوليو تحدث الي المسلمين من جامعة القاهرة فيما وصف بمحاولة لتخفيف اثر العداء الذي ولدته سياسات الإدارة الامريكية السابقة تجاه الاسلام والمسلمين في انحاء العالم‏..‏ وتقدم الي مرحلة جديدة اكد خلالها سعيه الي تحقيق السلام الشامل في الشرق الاوسط‏..‏ وعلي الرغم من عدم تناغم الافعال مع الاقوال في الخطاب الرئاسي الامريكي فإن كلمات اوباما كانت كافية لتوليد تلال من الامل البراق في سلام ممكن‏.‏
وفي سبتمبر وقف في الامم المتحدة ليقدم للعالم من فوق منصة مجلس الامن خطته للقضاء علي انتشار السلاح النووي في العالم‏.‏ وقالها اوباما صراحة إن لأدوات الحرب دورا تلعبه في الحفاظ علي السلاممطالبا بمزيد من العون العسكري الذي يجب ان تقدمه باقي دول العالم للولايات المتحدة في سبيل فرض رؤيتها للسلام وتأمين تحقيقه بأقل الخسائر‏.‏
وما هي الا ايام حتي كانت ذات اليد‏,‏يد رجل السلام‏,‏التي تسلمت جائزة السلام تقوم بالتوقيع علي موازنة الدفاع الخاصة بالولايات المتحدة لعام‏2010‏ والتي قدرت بـ‏636.3‏ مليار دولار تقريبا تخصص لتمويل البرامج والعمليات العسكرية الامريكية في انحاء العالم وذلك علي الرغم من حاجة كوكب الارض لمبلغ‏100‏ مليار سنويا فقط لتلافي الاثار السلبية للتغيرات المناخية‏!‏ لقد قدم اوباما افكارا وخطابا جيدا عن السلام العادل‏..‏ السلام الذي يقوم علي الحقوق المتأصلة والكرامة لكل فرد ولكنه لم يقدم الفعلاللازم لتحويل كافة الكلمات والخطب والأحاديث التي قالها طوال عام‏2009‏ الي خطوات فعلية ملموسة تحقق السلام العالمي بكافة اشكاله‏..‏ الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية‏.‏
وهكذا يتطلع العالم الي اشراقة شمس عام‏2010‏ ـ وهو العام الاخير في العقد الدولي لثقافة السلام واللاعنف للأطفال ـ متمنيا تحويل الكلمات والنوايا الحسنة الي واقع ملموس محمول علي ايادي الصداقة والاخوة الانسانية وليس محمولا تحت اجنحة قاذفات القنابل او علي رؤوس الصواريخ‏.‏