«الثلاثة يشتغلوها» . . رؤية فنية مختلفة و إبداع متواصل

المشاركات : 1733 تاريخ التسجيل : 05/03/2010 العمر : 38

«الثلاثة يشتغلوها» عندما تسمع هذا الاسم يتطرق إلى ذهنك فيلم سعاد حسنى
«الثلاثة يحبونها» ولكن مع ظهور المصطلحات الحديثة مثل لفظ «اشتغالة
ونشتغلك» بذلك قد نكون مواكبين للعصر الحديث, ولفظ «اشتغالة» المقصود بها
شخص يسخر من الآخر أو يكذب عليه. ولو نظرنا إلى فيلم ياسمين عبد العزيز
الجديد «الثلاثة يشتغلوها» فهي تجربة سينمائية جديدة برع في كتابتها يوسف
معاطي واستطاع إبراز بعض الإسقاطات بأسلوب فكاهي ظريف، فالفيلم يناقش قضية
مهمة هي السبب المباشر وراء الكثير من المشاكل التي نواجهها وهى أسلوب
التعليم المصري العقيم الذي يعتمد على الحفظ الأعمى بدون فهم أو إدراك،
ولكن لم يكن المقصود في الفيلم هو التعليم فقط وإنما هذا الأسلوب هو النمط
السائد لكثير من المصريين الذين ينساقون وراء أي اتجاه أو أي فكرة بدون
فهم أو وعى لما يفعلون, فيدور الفيلم حول نجيبة الحاصلة على الترتيب الأول
في الثانوية العامة لحصولها على مجموع 101٪ وهي من الطلبة الذين يعتمدون
على حفظ المقررات بأسلوب أعمى دون فهم، وتضطر إلى العمل كمدرسة لتساعد
والدها في استكمال دراستها وتلتقي بثلاثة أشخاص يحاول كل منهما خداعها
بأسلوب مختلف، ولأن أسلوب دراستها وتربيتها الخاطئة التي تعتمد على ترسيخ
أفكار معينة تتبع رغبة الأهل في كل شيء دون تفكير تحولها إلى أداة سهلة في
يد الكثير من الخادعين فهي تعبر عن نموذج حي لكثير من المصريين الذين
ينساقون وراء أي اعتقاد خاطيء دون وعى أو فهم، فالشخص الأول هو ابن أحد
الأثرياء الشخص الفاشل المدلل الذي يتكرر رسوبه في الجامعة والذي يحاول
خداعها عن طريقة إيهامها بالحب لكي تساعده على النجاح عن طريق الغش,
والثاني هو أحد الثائرين الذين يحاولون استغلال معاناة الفقراء ليصبح
زعيما عن طريق الاضطرابات والمظاهرات وتنساق إليه مرة أخرى لتكتشف في
النهاية أنه بعيد كل البعد عن أي مبدأ يؤمن به والثالث هو أحد دعاة الدين
الذي يحولها في لمحة بصر إلى داعية دينية تردد أقاويل وفتاوى لا تفهمها
إلى أن تكتشف أيضاً أنه شخص مادي وكل ما يشغله في الحياة هو تحقيق المكاسب
المادية بواسطة الإعلانات للقنوات الفضائية وينتهي بها المطاف كل مرة في
قسم الشرطة إلى أن تقرر أن تصبح شخصية مستقلة في النهاية وتكون مسئولة عن
اختياراتها واستطاع يوسف معاطي بذكاء شديد أن يضع بين أيدينا الحل
الإيجابي هو أن نبدأ بأطفال المدارس لأن الأمل دائماً في الصغار، ولابد أن
نزرع فيهم منذ الصغر سياسة الفهم قبل الحفظ لا نعتمد على الأساليب العقيمة
في التعليم والحفظ الأعمى.
لا شك أن الفيلم جيد من الناحية الفكرية،
ولكن ظلمه المخرج على إدريس بأسلوب إخراجه الطفولي والذي كرر فيه تجربة
«الدادة دودى» بعد نجاح الفيلم وهى الاعتماد على الحركة السريعة التي تشبه
بأفلام الكارتون والمبالغة في الأداء لياسمين عبد العزيز، ففكرة الفيلم
عميقة وقوية، وكان لابد أن يتم طرحها بأسلوب هادئ يجمع بين العمق الدرامي
والمواقف الكوميدية، ولكن في النهاية نقول إن هذه التجربة تعتبر خطوة
جديدة لياسمين عبد العزيز التي استطاعت تحطيم قاعدة أن شباك التذاكر موجه
للرجال فقط فهي تتمتع بكم من التلقائية والشقاوة وخفة الظل وبالنسبة
لأبطال الفيلم الثلاثة، فكل منهم برز في مساحة الدور الذي يلعبه.

المشاركات : 1051 تاريخ التسجيل : 14/06/2010 العمر : 25

مشكوووووووور لبنى